دولي

تصعيد غير مسبوق: إسرائيل تستهدف قلب برنامج إيران النووي وسط تداعيات إقليمية ودولية

شهدت منطقة الشرق الأوسط الساعات الماضية تصعيداً خطيراً وغير مسبوق، إثر شنّ إسرائيل هجوماً واسع النطاق على الأراضي الإيرانية، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية حيوية. وقد أطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم “عام كلافي” (عامود الغمام)، في إشارة إلى طابعها الشامل وربما رسالتها الدينية.

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم طال منشأة نطنز النووية الإيرانية، واصفاً إياها بأنها “قلب البرنامج النووي الإيراني”، إلى جانب استهداف عشرات الأهداف العسكرية في عدة مناطق داخل إيران، وليس فقط في العاصمة طهران. وتُشدد الرواية الإسرائيلية على أن ما حدث هو “المرحلة الأولى” من عملية أوسع، وأن هذه الضربات تهدف إلى شل القدرة الإيرانية على الرد، مؤكدة أنها “البداية”. وقد رفعت إسرائيل حالة التأهب القصوى، وأغلقت مجالها الجوي تحسباً لرد فعل إيراني.

من جانبها، وردت أنباء عن سماع انفجارات قوية في طهران ومناطق أخرى. وأكد مسؤولون إيرانيون تعرض البلاد لهجوم، مشيرين إلى أن الدفاعات الجوية الإيرانية كانت نشطة وتصدت للضربات، وأن مقاتلات إيرانية أقلعت (في إشارة إلى الاستعداد للرد). كما قامت السلطات الإيرانية بإخلاء الأجواء من الطائرات المدنية، في خطوة احترازية تدل على جدية التهديد.

على الصعيد الدولي، سارعت الولايات المتحدة إلى توضيح موقفها. فقد أكد مسؤولون أمريكيون، ومنهم وزير الخارجية مايك بومبيو (وفقاً لتصريحات السناتور ماركو روبيو)، أن واشنطن “لم تشارك” في الهجوم الإسرائيلي ولم تقدم أي مساعدة عسكرية مباشرة، لكنهم أقروا بأنهم “كانوا على علم” به. وحذر البيت الأبيض إيران من استهداف المصالح أو الأفراد الأمريكيين في المنطقة، مؤكداً اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية قواته. وقد عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعاً أمنياً طارئاً لمناقشة تداعيات الهجوم.

يُحلل المراقبون هذا التصعيد على أنه تحول نوعي في طبيعة الصراع الإسرائيلي-الإيراني. فبينما كانت المواجهات السابقة غالباً ما تندرج تحت “حرب الظل” أو ضربات موجهة غير معلن عنها بشكل مباشر، فإن هذا الهجوم جاء مع إعلان إسرائيلي صريح واستهداف لمنشآت نووية حساسة وحصينة، بما في ذلك منشآت تحت الأرض. وهذا يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذه الضربات في شل البرنامج النووي الإيراني، خاصة وأن إيران تملك، وفقاً للرواية الإسرائيلية، منشآت محصنة يصعب اختراقها، كما أنها ليست “نمراً من ورق” ولديها القدرة على الرد بصواريخ باليستية تصل إلى إسرائيل في دقائق معدودة، أو طائرات مسيرة أبطأ ولكن بأعداد كبيرة.

أما عن تداعيات هذا التصعيد، فقد قفزت أسعار النفط بنسبة 6%، ما يعكس قلق الأسواق من اضطراب إمدادات الطاقة العالمية وتزايد عدم الاستقرار في المنطقة. ويرى خبراء أن الشرق الأوسط بات يواجه “أياماً قتالية” محتملة، حيث يتعين على إسرائيل أن تستعد لرد إيراني كبير، قد يتطلب دعماً دفاعياً من حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

الغموض يلف المشهد، والتصريحات المتضاربة أحياناً من الجانبين تزيد من تعقيد الموقف. فهل سيتمكن المجتمع الدولي من احتواء هذا التصعيد؟ أم أن المنطقة مقبلة على مواجهة أوسع قد تُعاد فيها خلط الأوراق السياسية والاقتصادية بشكل جذري؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بكشف حقيقة هذا التوتر المتصاعد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى